غداة تصدي الجيش اللبناني لقوة إسرائيلية حاولت اختراق الحدود اللبنانية الجنوبية بدعوى تفجير ألغام داخل الأراضي اللبنانية، انتشر اليوم أكثر من مئتين من قوات الطوارئ الدولية على الحدود اللبنانية مدعومين بدبابات لوكلير فرنسية ومدفعية". المتحدث باسم القوات الدولية في لبنان (ميلوش شتروغر) وصف تبادل إطلاق النار مساء أمس الأربعاء بين الجيش اللبناني وقوة إسرائيلية على جانبي الحدود بأنه حادث خطير. وقال إن تبادل إطلاق النار جرى بمبادرة من الجيش اللبناني الذي أطلق النار عندما عبرت جرافة إسرائيلية الحاجز الأمني في محاولة لنزع ألغام في المنطقة الواقعة بين هذا الحاجز والخط الأزرق على ما يبدو.
إلى ذلك ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن منطقة ظهر العاصي عند الأطراف الشرقية لبلدة ميس الجبل شهدت قبل ظهر اليوم تحركات لدوريات إسرائيلية بعدما كان سمع الليلة الماضية إطلاق نيران رشاشة مصدرها موقع قوات الاحتلال في المنطقة مستهدفا محيطه والأودية المجاورة. كما سجل صباح اليوم دوريات للقوات الإسرائيلية على طول الطرق المحاذية للشريط الفاصل في كفركلا، العديسة، حولا ومنطقة الكينا في سهل الخيام. وشوهدت سيارات (الهامر) قرب بساتين مستوطنة المطلة وعند بوابة فاطمة في كفركلا. وظهراً سجلت تحركات لآليات مؤللة إسرائيلية في محيط موقع العباسية وقرب الموقع الجنوبي في داخل بلدة الغجر المحتلة.
قيادة الجيش أصدرت بيانا أعلنت فيه انه ليل أمس الاربعاء وتحت ذريعة وجود عبوات ناسفة شمال الشريط الشائك الحدودي، أقدمت جرافة تابعة للعدو الإسرائيلي على اجتياز الخط الأزرق لمسافة 15 مترا باتجاه بلدة مارون الراس وبحماية عدد من الدبابات وناقلات الجند وسيارات الهامر. وبالتزامن مع تحليق عدد من المروحيات حيث قامت بجرف بعض الأتربة لتمهيد الأرض وكشف حقول الرمي. فأعطيت الأوامر لقوى الجيش المستنفرة في المنطقة المذكورة بفتح النار عليها وأجبرتها على التوقف ثم التراجع والانسحاب. وتماديا بالاعتداء أطلقت قوات العدو النيران على احد مراكز الجيش داخل الأراضي اللبنانية. مما أدى إلى إصابة ناقلة
جند بأضرار مادية من دون وقوع إصابات بالأرواح. وقد أبلغت القوات الدولية بالحادث وبخرق العدو الفاضح للقرار 1701".
هذا وشكل تصدى الجيش اللبناني للقوة الإسرائيلية مفاجأة وضعت قادة العدو في حال إرباك مما حداه في الساعات الأولى للحادثة إلى فرض رقابة صارمة على تعاطي وسائل الاعلام الإسرائيلية مع الخبر وقد سارع وزير حرب العدو عامير بيريتس الى عقد جلسة لتقييم الوضع مع القادة الأمنيين، خاصة بعد ان اطلقت دبابة اسرائيلية قذيفة باتجاه احد مواقع الجيش اللبناني شمال مستوطنة افيفيم ردا على اطلاق النار من قبل الجيش اللبناني وقال بيريتس ان "إسرائيل لا تنوي ابداً التسبب في تدهور او تصعيد للوضع لكن حين يحدث اطلاق نار خطر على قواتنا سنكون مجبرين على الرد"، وفق تعبيره. وزعم بيريتس أن الوحدة الإسرائيلية التي أطلقت قذائف باتجاه جنود لبنانيين تصرفت " في إطار احترام القرار 1701" الدولي.
وقال وزير الأمن الداخلي آفي ديشتر انه لا يتوقع تصعيدا عسكرياً.
هذا واعتبرت وسائل الأعلام الإسرائيلية التي سمح لها صباحاً بالتعاطي مع الاشتباك ان الحادث يعتبر الأخطر من نوعه منذ انتهاء حرب تموز / يوليو وقالت إن رئيس الوزراء ايهود اولمرت أجرى مشاورات مع كل من بيريتس ووزيرة الخارجية تسفي لفني وتابعوا التطورات عن كثب إلا انه لم تصدر أي قرارات بهذا الصدد. وأفادت صحيفة هآرتس أن القذيفة التي أطلقتها الدبابة الإسرائيلية باتجاه الجيش اللبناني كانت بأمر من قائد المنطقة. واعتبرت أوساط إسرائيلية أن ما جرى هو إشارة سلبية لنتائج حرب تموز / يوليو رغم كل الأثمان الباهظة التي دفعناها متسائلة إذا كانت القيادة تعتقد أن المنطقة التي أرادت القوة الإسرائيلية الدخول إليها ارض إسرائيلية فلم تم ذلك تحت جنح الظلام .
إلى ذلك أعلن (ألون فريدمان) رئيس أركان قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سلاح الجو الإسرائيلي سيزيد عدد طلعاته الجوية فوق لبنان بعد إطلاق النار الذي جرى مع الجيش اللبناني مساء الأربعاء.
مصادر أمنية ذكرت لصحيفة "الأخبار" أن الجيش طلب من القوات الدولية منذ ساعات الصباح الباكر منع القوات الإسرائيلية من العمل في منطقة متنازع عليها بانتظار قيام لجنة مشتركة اليوم بالتثبت من الخط الحدودي. وأرفقت هذا الطلب بتحذير من أن الجيش سوف يطلق النار على الجيش الإسرائيلي. لكن قوات الاحتلال رفضت الطلب وأرسلت جرافة من نوع D9 إلى المنطقة وتقدمت عشرات الأمتار داخل الأراضي اللبنانية فعمد الجيش اللبناني إلى إطلاق النار من رشاشات متوسطة من عيار 12.7 ملم فرد الإسرائيليون بإطلاق قذائف من دبابات باتجاه وحدة الجيش اللبناني. وأصابت إحدى القذائف ملالة تابعة للجيش من نوع أم 113 ولم يكن في داخلها أحد. وفي وقت لاحق أبلغ الجيش القوات الدولية أنه لن يتردّد في تكثيف إطلاق النار باتجاه الإسرائيليين الذين عمدوا سريعاً إلى الانسحاب مبتعدين عن المنطقة، بينما انتشرت وحدة من القوات الدولية في المنطقة. وأبدت مصادر رسمية لبنانية أسفها لأن القوات الدولية لم تقم بالدور المفترض بها وفق القرار 1701 ولم تعمل على منع الخرق الإسرائيلي بل التزمت موقف المتفرج، الأمر الذي يطرح تساؤلات كبيرة عن دورها في المنطقة. وهذا هو الاشتباك الأول بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية منذ انتهاء عدوان تموز / يوليو، والخرق الإسرائيلي الأكبر للأراضي اللبنانية وللقرار 1701. وهو الحادث الأول الذي يواجه القائد الجديد للقوة الدولية الجنرال الإيطالي كلاوديو غراسيانو.