إن علاج كل مشكلة، وحل كل معضلة، والفرج من كل ضيق وكرب يكمن في الإيمان والتقوى، قال سبحانه وتعالى: "وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" [آل عمران:120]، وقال: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا" [الطلاق:2]، وقال: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [الطلاق:4]، وقال: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا" [الطلاق:5]، وقال: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" [الأعراف:96]. هذا وعد الله، ومن أصدق من الله قيلا؟! ومن أصدق من الله حديثا؟.
قال تعالى:"مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [فاطر:2]. نعم، إنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد.
هذه المعاني حين تستقر في قلب المؤمن تحدث تحولا عجيبا في كل جوانب حياته: الإيمانية والعلمية والعملية؛ لأن الإيمان بمعاني هذه الآية -من سورة فاطر- تقطعك عن كل قوّة في السماوات والأرض، وتصلك بقوة الله وحده، وتُيئِّسك من كل من في السماوات والأرض، وتصلك برحمة الله الرحمن، وتملأ قلبك باليقين والثقة والركون إلى ركن شديد.
هذه الآية تغلق أمام العبد كل باب في السماوات والأرض، وتفتح أمامه باب الله الذي يملك كل شيء وبيده خزائن كل شيء، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير.
أما رأيتم أصحاب الكهف حين خرجوا فرارا من قومهم ومن بطش ملكهم يرجون رحمة الله، مستعينين به سبحانه فهداهم وآواهم إلى الكهف؛ فأصابتهم رحمة الرحمن، وثبت قلوبهم بقوة الإيمان، قال تعالى: "فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا" [الكهف:16].
رحمة الله وجدها إبراهيم عليه السلام حين ألقي به في النار، "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" [الأنبياء:69]. النار سبب والله رب الأسباب، النار تحرق لكن الله جعلها لا تحرق.
رحمة الله وجدها يوسف عليه السلام وهو في غيابات الجُب. رحمة الله وجدها يونس عليه السلام وهو في ظلمات ثلاث، في بطن الحوت وفي ظلمة البحر وفي ظلمة الليل، فانطلق بالتسبيح، "فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاّ إِلَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" [الأنبياء:87]؛ فجاءه من عند الله الفرج.
لو غرست هذه الحقيقة في قلب المؤمن لأصبح كالطود الشامخ أمام كل الصعاب والشدائد، لا يخاف أحدًا إلا الله، ولا يرجو إلا ثواب الله، ولا يسأل أحدًا إلا الله، ولا يستعين إلا بالله، شعاره: "وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [يونس:107].
فإلى كل يائس فد ضاقت به الدنيا وحسب أن لا مخرج من مصيبته وهمه فليصلي على محمد نبي الرحمة وليستعين بالله وليذكر قوله في كتابه "(قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم" "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"وهي التي تجعل المؤمنين يلجئون إلي الله دائماً بالدعاء والتضرع فيستجيب الله لهم كلما أخلصوا وجههم له: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) والله الرحيم هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، وصلة الله سبحانه وتعالي بالإنسان صلة رحمة ورأفة فإن الله سبحانه وتعالي
سمي نفسه بالرحمن، وبالرحيم، وأمرنا أن نستفتح أعمالنا ب(بسم الله الرحمن الرحيم)
وهو أرحم علينا من امنا وابانا بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير خزائنه بين الكاف والنون يعطي ولا يبخل ويجعل من كل عسر يسرا وإن حرم أو عسر فكن على يقين أنه لخير لك لمعرفته بالغيب وعاقبة الأمور فهو الحكيم الخبير ...
لذلك أخي تذكر قول الله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى...ثق به وصلي ركعتين وسلمه أمرك وسترى كيف أنه برحمته سيجعل لك مخرجا من حيث لا تحسب ...
هل أصبحت بحال أفضل??? سبحان الله ...ألا بذكر الله تتطمإن القلوب???